Mohamed Al-iriani

(Human) Insecurity in a
Fragmented State


March 2020

بمناسبة اليوم العالمي للاعنف، يسر المركز اليمني للسياسات بدعم من المكتب الفدرالي الألماني للشؤون الخارجية، أن يدشن مشروعه ” السياسة المدنية”. والسياسة المدنية هي إسهامنا إلى نهج اللاعنف الذي هو، بطبيعة الحال، جزء من الحياة اليومية وسياساتها عند المواطنين في اليمن. ويأتي في قلب هذا المشروع المتعدد الأوجه مدونة ” المجلس”. وعن طريق مشاركة منظورات وأفكار ورؤى الخبراء اليمنيين وغير اليمنيين، فإنّ هذه المنصات تضع نفسها بين تلك المنظمات والناشطين الذين يدعون إلى إنهاء الحرب في اليمن عبر طرق سلمية تتخذ اللاعنف نهجا لها، وتعتمد النقاش البنّاء في تحقيق هذه الغاية. ومن تلك المنظمات والمنصات، على سبيل المثال لا الحصر، شركاؤنا في مجلة المدنية، ومبادرة مسار السلام، وروّاد التنمية، ومنظمة مواطنة لحقوق الانسان

ونحنُ نفتتح هذا المشروع بحملة تسلط الضوء على الفرص والمعوِّقات أمام السلام في اليمن ضمن مستويات متعددة: المستوى المحلي، والمستوى الإقليمي، والمستوى الدولي. وعلى مدى الأسابيع المقبلة، فإننا سنعمد إلى سبر أبعاد تلك الفرص والمعوِّقات المتعددة عبر تدشين نقاش عبر- أممي حول اللاعنف والسلام في اليمن.

لكنْ مَن نحنُ، ولماذا نقوم بهذا العمل؟

أسِّس المركز اليمني للسياسات في مارس 2020 من طرف مجموعة من الباحثين اليمنيين والألمان ممن لهم صِلَة بالمركز اليمني لقياس الرأي العام الذي مقره، في الوقت الراهن، مدينة تعز اليمنية. وبعملنا هذا، فإننا نطمح إلى التأثير على عملية صناعة السياسات سواء على مستوى اليمن أو على المستوى الدولي آخذين نصب أعيننا الغاية من كل ذلك، وهي تحسين ظروف معيشة المواطنين اليمنيين

والهدف من أنشطتنا البحثية يتحدد في فهم السياسات التي تعتمل في المستوى المحلي؛ ومن ثم العمل على تيسير الاتصال بين المجتمع المدني من جهة ومؤسسات الدولة من جهة مقابلة. وعن طريق البحث عن القصص الإيجابية وعن أفضل الممارسات ومشاركتها، فإننا نطمح إلى وضع أنشطة المجتمع المدني في دائرة الضوء. إنَّ مركزنا يعمل على تعزيز قيم اللاعنف، وحقوق الإنسان، والتغيير الاجتماعي؛ وذلك عن طريق مناهج مختلفة تتضمن البحث، والتعليم، والأنشطة، وإحداث التأثير في السياسات العامة. ونحنُ نطمح في أنْ نزوِّد صناع السياسات اليمنيين والدوليين بالتحليلات الضرورية عن اليمن من أجل المساهمة في صناعة سياسات سليمة

ومن غايات المركز اليمني للسياسات دعم الباحثين الشباب اليمنيين من ذوي المواهب؛ وذلك عن طريق خلق فرصٍ حقيقية تتيح لهم التطور في مساراتهم الوظيفية والعملية. و منهجنا هو واحد من تلك الطرق التي من خلالها يمكن الوقوف ضد الصراع في اليمن،  ويتمثل في خلق المساحة للباحثين اليمنيين، وتزويدهم بأدوات البحث اللازمة، وبتقنيات الكتابة وفقا لمعاييرعالية، إلى جانب العمل على إيجاد الشبكات الاجتماعية لهم بعد أن أصبحوا في الآونة الأخيرة في حال من العزلة

وفي هذه اللحظة، فإننا نستغل فرصة التدشين هذه من أجل المساهمة في إحداث نقاش عبر-أممي بخصوص اللاعنف والسلام في اليمن، ونحن نعمدُ إلى عمل هذا في وقتٍ أصبحت فيه فضاءات النقاش المفتوح تأخذ في التقلص والاختفاء. وبصورة أكثر تخصيصا، فإنَّ الفضاءات والأماكن الرسمية المخصَّصة للتعبير عن الذات في اليمن سواء عن طريق الفن أو الكتابة أو النقاش أو التعليق قد أخذت بصورة متعاظمة في أن تتحول إلى مساحات غير آمنة

لقد توقف عدد معتبر من الباحثين والصحفيين عن البحث والكتابة والنشر جرَّاء انعدام المساحات المستقلة. وبدلا عن المعايير الأكاديمية أو الصحفية أو العلمية أصبحت المصالح السياسية فقط هي ما يؤثِّر على الخطابات ويصوغ اتجاهاتها. وهذا مضر، في محصلته الأخيرة، بالمواطن اليمني، وله تأثير على جودة البحث والصحافة والنشر

 

والمعلوم أنَّ المساحات الآمنة قد أخذت في التحوّل نحو العالم الرقمي، ومن ذلك مبادرتنا هذه، وفي الانكماش باتجاه الفضاءات الخاصة. وهنا يأتي التساؤل عن العواقب المترتبة على هذا الأمر؟ لقد أسكتَ النقدُ، ولم يعد ثمة صوت يُسمَع للرأي العام ولم يعد له أيُّ اعتبار، وعلى نفس المنوال لم تعد المشكلات السياسية والاقتصادية تلقى حقها من النقاش العام المفتوح

وفي الآن نفسه، بدات السياسات اليومية المتبِعة لنهج اللاعنف لدى المواطنين اليمنيين ذات مرونة وفاعلية؛ بل، أكثر من ذلك، أثبتت توجه المواطنين نحو المشاركة في مستوى مجتمعاتهم المحلية، ورغبتهم في تشكيل السلام وبناء الدولة على المستوى المحلي. وهذا يتضمن مبادرات متعددة تشمل: حملات التوعية، وبرامج التدريب المجتمعية بخصوص المياه والصرف الصحي، وأنشطة التوعية بخصوص النظافة الشخصية خلال انتشار جائحة كورونا والكوليرا في اليمن، وكذلك تحسين الوضع البيئي في المناطق المحيطة بتلك المجتمعات المحلية

غير أنَّه يبدو أنَّ تلك الإمكانيات التي تنطوي عليها السياسات اليومية للمواطنين تنتهي حيث تبدأ تدخلات دول الإقليم، بما لديها من مصالح تخصُّها في هذا البلد. والمعلوم أن كثيرين من اليمنيين يبدون امتعاضهم وخيبة أملهم تجاه دول الإقليم، التي قدَّمت نفسها بصفة الأخوّة، غير أنها لم تولِ شيئا اهتماما سوى مصالحها الذاتية. وفي المقابل، أصبح اليمني الذي أظهر مرونة و قدرة خلاقة  يبدو عاجزا أمام اللاعبين الأقوياء الذين لا يرون في اليمن سوى خريطة مواقع ذات أهمية استراتيجية وموارد. ومن نافلة القول التقرير بأن هؤلاء المواطنين اليمنيين يشعرون، أيضا، بخيبة الأمل تجاه حكامهم، غير أنهم لم يفقدوا الأمل في مستقبل بلدهم

وفي الوقت الذي تبذل فيه الأمم المتحدة جهودا، دون جدوى تذكر، في سبيل إحضار الطرفين، الحكومة المعترف بها دوليا وأنصار الله الحوثيين، حول طاولة الحوار من أجل إجراء محادثات سلام، فإنّ المواطنين اليمنيين يعون، وبصورة ممزوجة بالمرارة، بأن هذه العملية لن تجلب السلام الذي يأملون في تحققه. إنَّ المفقود حتى الآن، وما تمس الحاجة إليه فعلا، هو وجود نقاشات عامة يكون من شأنها الحصول على تأييد واسع النطاق

 

إننا في المركز اليمني للسياسات نتبنى القناعة التي مفادها أنَّ ما يجلب السلام لليمنيين بالفعل هو وجود دولة يمنية تحترم كل هويات اليمنيين بصورة متساوية. وتلك الدولة لن تكون حصيلة أفعال العنف. إنّ الطريقة الممكنة الوحيدة لبزوغ تلك الدولة هو نهج اللاعنف؛ أي عن طريق التداول والنقاش ذي الطابع العمومي؛ وعن طريق التعليقات والكتابات العامة والحرة والمستقلة؛ وعن طريق الخيال الخلّاق الذي تجود به قرائحُ الأدباءِ والشعراءِ المحبين لوطنهم. وهنا، تظهر حاجتنا الماسّة إلى وجود الفضاءت التي يمكن فيها تصوّرُ تلك الدولة ومناقشةُ طبيعتها. يحتاج اليمنيون اليوم، في المقام الأول، إلى التفكر والتأمل حول الأحداث التي شهدها العقد الأخير، وأنْ يفهموا بصورة حقيقية تلك التطورات من منظورات مختلفة ومن خلال الحوار المتبادل حول الأسباب التي أدت بالسياسة اليمنية، وبالمجتمع اليمني، وبالاقتصاد اليمني إلى أن تأخذ هذا المنحى الراهن

إنَّ مدونة ” المجلس” تعدُّ المنصة الأولى المقدَّمة للمواطنين اليمنين بمختلف خلفياتهم الاجتماعية والمناطقية، وكذلك لغير اليمنيين، لتكون بمثابة الفضاء الذي يتيح للأفكار والخبرات والتجارب بخصوص المجتمع والسياسة أن تدخل مع بعضها البعض في حوار ونقاش. وفضلا عن ذلك، فإنّ من شأن تجاور المنظورات والأفكار والرؤى المختلفة للباحثين اليمنيين والدوليين أنْ يعمِّق البحث المختص باليمن وأن يساعدنا، كباحثين وكتّاب، على إعادة تقييم ونقد بعض الأفكار والمناهج التي أصبحت من كثرة تداولها بمثابة المسلّمات التي لا تقبل النقض

 

إنّ هذه المنصة، بهذا المعنى المشار إليه، تسعى إلى تكريس بعض القيم المدنيّة كالتعددية، والحوار، والمشاركة، ونهج اللاعنف. إنها عينُها تلك القيم التي طالب بها المحتجون اليمنيون ضد النظام السياسي الحاكم في 2011م. وبالتعاون مع شركائنا في مجلة المدنية، فإننا نسعى إلى خلق مساحة يمكن أن يُعبّر فيها عن الأفكار والرؤى بطريقة منفتحة، ومحترِمة للآخر، وبنّاءة، ومثمرة. وفي المجمل، فإنّ كل ذلك هو محاولة منا للإسهام من أجل حلول يكون من شأنها تحقق السلام؛ إنه دعوة لوضع الكلمات في منزلةٍ تعلو البنادق ومنح التفكير العقلاني مكانة تفوق الدوافع الأيديولوجية والغرائزية

Translator : Abdulsalam  al-Rubaidi

Editor : Robin Surratt

Photographer : ِAhmad Al-Hagri

Donor: German Federal Foreign Office

Share on Facebook
Share on Twitter
Share on LinkedIn

References :

[1]YPC nationwide representative survey, April–July 2019. Data cited in this paper is drawn from this survey unless otherwise indicated.

[2] UN News “Humanitarian crisis in Yemen remains the worst in the world, warns UN” Feb 2019. https://news.un.org/en/story/2019/02/1032811 (Accessed 3 March 2020).

[3] Wadhah Al-Awlaqi and Maged Al-Madhaji, Rethinking Yemen’s economy: Local governance in Yemen amid conflict and instability, July 2018. https://devchampions.org/files/Rethinking_Yemens_Economy_No2_En.pdf (Accessed 8 March 2020); Mansour Rageh, Amal Nasser, and Farea Al-Muslimi, “Yemen without a Functioning Central Bank: The Loss of Basic Economic Stabilization and Accelerating Famine,” Sana’a Center for Strategic Studies, November 2016. http://sanaacenter.org/publications/main-publications/55 (Accessed 23 May 2018).

[4]Data source: OCHA, “Humanitarian needs overview 2019: Yemen”, December 2018. https://yemen.un.org/sites/default/files/2019-08/2019_Yemen_HNO_FINAL.pdf (Accessed 11 March 2020).

[5] Final report of the Panel of Experts on Yemen, addressed to the President of the Security Council, January 2020. https://undocs.org/S/2020/70 (Accessed 11 March 2020).

[6] Mareike Transfeld, “Implementing Stockholm: The Status of Local Security Forces in al-Hodeidah,” YPC Policy Report, Yemen Polling Center, Policy Report, November 2019. http://www.yemenpolling.org/Projects-en/ICSP_EU_HodeidahReport2019November30.pdf (Accessed 16 February 2020).

[7] Mareike Transfeld and Shaima Bin Othman, “The State of the Police in Western Yemen”, YPC research debrief, Yemen Polling Center, Research Debrief, January 2020. https://www.yemenpolling.org/4325/ (Accessed 16 February 2020).

[8] Amnesty International, “Yemen: Fierce new offensive displaces tens of thousands of civilians from Hodeidah” May 2018. https://www.amnesty.org/en/latest/news/2018/05/yemen-fierce-new-offensive-displaces-tens-of-thousands-of-civilians-from-hodeidah/ (Accessed 5 March 2020).

[9] Maged Sultan, Mareike Transfeld and Kamal Muqbil, “Formalizing the Informal State and Non-State Security Providers in Government-Controlled Taiz City,” YPC Policy Report, Yemen Polling Center, July 2019. https://yemenpolling.org/advocacy/upfiles/ICSP_EU_FinalTaizReport2019July19.pdf (Accessed 16 February 2020).

[10] Nadwa al-Dawsari , “Tribal Governance And Stability In Yemen “, The Carnegie papers, Carnegie endowment (April 2012). https://carnegieendowment.org/files/yemen_tribal_governance.pdf (Accessed 5 March 2020).

[11]CIVIC, “We Did Not Know If We Would Die From Bullets Or Hunger” Civilian Harm and Local Protection Measures in Yemen “, Jan 2019, https://civiliansinconflict.org/wp-content/uploads/2020/01/YEMEN_BulletsorHunger_FINAL_PROOF.pdf (Accessed 5 March 2020).

[12] Fatima Saleh and Ahmed al-Sharjabi “Institutional Prerequisites for the STC “Coup” in Aden and Perspectives on the Jeddah Deal” , research debrief, Yemen Polling Center, Oct 2019. https://www.yemenpolling.org/institutional-prerequisites-for-the-stc-coup-in-aden-and-perspectives-on-the-jeddah-deal/ (Accessed 16 February 2020).

[13] Human Rights Watch, “Yemen: Riyadh Agreement Ignores Rights Abuses”, December 2019, https://www.hrw.org/news/2019/12/12/yemen-riyadh-agreement-ignores-rights-abuses Accessed 5 Mar 2020; Human Rights Watch,  “Yemen: UAE Backs Abusive Local Forces” June 2017.

Yemen Policy Newsletter
×