آدم بارون

خمسة أسئلة حول ناقلة النفط “صافر”


أغسطس 2022

إن ناقلة النفط “صافر” الراسية قبالة السواحل اليمنية هي ناقلة عملاقة قديمة متهالكة بدرجة كبيرة، ويمكن أن تتداعى أو تنفجر قريبًا. ستؤدي الكارثة البيئية والإنسانية الناتجة عنها إلى مزيد من الدمار في اليمن. تشمل العواقب المحتملة الدمار البيئي وتعرض الملايين للهواء شديد التلوث وانقطاعهم عن الغذاء والوقود وغير ذلك من الإمدادات المنقذة للحياة، فضلاً عن فقدان مئات الآلاف من وظائف صناعة صيد الأسماك. تحدثنا مع أحمد الدروبي من منظمة السلام الأخضر حول الوضع.

1) كيف تَصِف التهديد المُحتمَل لانسكاب النفط من ناقلة النفط “صافر” في الوقت الراهن؟
التهديد خطير جدًا ويستدعي التحرُّك الفوري. فكلّ مَنْ لديه أيّ معلومات حول هذه المسائل يُدرِك تمامًا أنَّ الوضع حرج ويستلزم اتّخاذ إجراءات عاجلة، وستترتّب تداعيات كارثية في حال عدم إزالة النفط من “صافر” بطريقةٍ آمنة ونقله إلى ناقلةٍ منفصلة. يتناول الموجز الذي أصدرته منظّمة “غرينبيس” في وقت سابق من هذا العام، نطاق الآثار الإنسانية والبيئية التي قد تُحدِثها كارثة الانسكاب أو الانفجار، ليس على اليمن فحسب ولكنْ أيضًا على البلدان الأخرى.

2) ما هي الكوارث البيئية الأخرى التي يمكن مقارنتها بالوضع الحالي لناقلة “صافر”؟
قارنها البعض بحادثة “إكسون فالديز” عام 1989 في لسان برينس وليام البحري، ألاسكا، مع الإشارة إلى أنَّ الـكمية التي تُقدَّر بـ1.14 مليون برميل (140000 طن) من النفط على ناقلة “صافر” هي أكبر من كمّية الانسكاب في حادثة “إكسون فالديز” بأربعة أضعاف. لكنَّ وضع ناقلة “صافر” فريدٌ من نوعه. فكانت “إكسون فالديز”، مثل العديد من الانسكابات النفطية قبلها وبعدها، مجرّد حادثة؛ وألحقَ كلٌّ من هذه الحوادث أضرارًا جسيمة وطويلة الأمد على المجتمعات والبيئة. أمّا إذا تُرِكَت ناقلة “صافر” وانفجرت (بسبب عدم وجود غازات خاملة في الخزّانات) أو انكسرَت وتسرَّبَت حمولتُها، فلن يكون الأمر مجرّد حادث، بل نتيجة إخفاق جميع الأطراف في إعطاء الأولوية للاعتبارات الإنسانية والبيئية. التكنولوجيا والخبرة متاحة وجاهزة – لكنَّ الإرادة السياسية من المجتمعات الدولية والإقليمية مفقودة. ولا شكّ في أنَّ تجربة الانسكابات النفطية الأخرى وانفجارات الآبار حول العالم تؤكِّد لنا أنَّ التأثيرات ستكون كارثية على المجتمعات التي تعيش في المنطقة وعلى البيئة في أحد مواقع التنوُّع البيولوجي الهشّة في العالم.

3) لماذا وصلَ الوضع إلى هذه المرحلة؟
سبقَ أن ذكرتُ بعض الأسباب التي أصولتنا إلى هذه المرحلة. وتحديدًا، اتّفقت الأمم المتّحدة وسلطات الأمر الواقع في المنطقة على خطّة معقولة وواضحة. تحتاج هذه الخطّة إلى التمويل – 80 مليون دولار أمريكي لنقل النفط والاحتفاظ به في ناقلة ثانية. وحتّى الآن، تعهَّدَ عددٌ من الحكومات بتوفير جزء من التمويل اللازم لدعم الخطّة. بالرغم من ذلك، ما زالوا يحتاجون في وقت كتابة هذا التقرير إلى 20 مليون دولار أمريكي. ولا بدّ من الإشارة إلى أنَّ العديد من هذه “التعهّدات” هي مجرّد تعهّدات في نهاية المطاف، والأمر يحتاج إلى توفير الأموال فعليًا وليس الاكتفاء بالوعود.

إنَّ هذا المبلغ، أي 80 مليون دولار أمريكي، هو مبلغٌ رمزي مقارنةً بالأموال الطائلة التي تجنيها شركات النفط علمًا أنَّها أعلنت مؤخّرًا عن أرباح قياسية بلغَت في المتوسّط حوالي 7.2 مليار دولار أمريكي في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. ولم تُبادِر أيّ شركة من شركات النفط لتقديم التمويل اللازم. كما أنَّ المبلغ المطلوب، أي 80 مليون دولار أمريكي، لا يُذكَر عند مقارنته بالإعانات البالغة 405 مليار دولار أمريكي التي تُقدِّمها حكومات مجموعة العشرين لصالح قطاع الوقود الأحفوري – معظمه من شركات النفط والغاز – كلّ عام.

4) ما الذي يمكن للجهات الفاعلة المحلّية والدولية القيام به لتجنُّب الوصول إلى أسوأ السيناريوهات؟
كما أشرت سابقًا، نحتاج إلى الإرادة السياسية والتمويل اللازم لتفعيل الخطّة. لكنَّنا نحتاج أيضًا إلى التحضير الجيّد استعدادًا لحدوث انسكاب كبير أو انفجار. وما يُثير قلقنا هو محدودية معدّات الاستجابة اللازمة لمنع أسوأ الآثار والتخفيف منها. يجب وضع أحزمة احتواء النفط حول ناقلة “صافر”، ويجب أن تكون معدّات الاستجابة الأخرى موجودة في البلد على الفور. في حال حدوث انسكاب، يجب التحرُّك في مهلة لا تتعدّى 48 ساعة بعد الحادثة للتخفيف من الآثار بأفضل طريقة ممكنة. أمّا إذا انتظرنا حتّى وقوع الحادثة ثمّ حاولنا إيصال المعدّات إلى المنطقة، فسيكون الأوان قد فات بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، يجب تنبيه المجتمعات التي قد تتضرّر ويجب تحذيرها من الآثار الصحّية المُحتمَلة وإبلاغها بالإجراءات التي يجب اتّخاذها. لقد أنتجنا مثل هذه النشرات والملصقات التي تتضمّن المعلومات اللازمة. ولذلك، يجب تأمين مخزون من معدّات الوقاية الشخصية للأشخاص المعنيّين بالاستجابة لحوادث الانسكاب وأيضًا للمتضرّرين من هذه الحوادث.

5) ما الكلفة التي ستترتّب في حال لم يُتَّخَذ أيّ إجراء؟
قدَّرَت الأمم المتّحدة تكلفة الاستجابة النفطية بنحو 22 مليار دولار أمريكي. يشمل هذا المبلغ تكلفة المعدّات، وجهود التخفيف من الآثار، والتعافي وما إلى ذلك فقط. إنّما تُضاف إليه التكلفة البشرية والبيئية لناحية الخسائر في سُبُل العيش والصحّة والرفاه والتكاليف التي لا تُحصى في النُظُم البيئية للبحر الأحمر.


أحمد الدروبي هو مدير الحملات الإقليمية لمنظمة السلام الأخضر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وعضو في مجموعة العمل الدولية التابعة لمنظمة السلام الأخضر لمواجهة تهديد ناقلة صافر.

آدم بارون كاتب ومحلل سياسي وعضو مجلس إدارة المركز اليمني للسياسات. كان يقيم في اليمن من 2011 إلى 2014.

إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال هي آراء الكتاب ولا تعكس بالضرورة آراء ووجهات نظر المركز اليمني للسياسات أو الجهات المانحة له.

التحرير:
جاتندر بادا
الصورة:
ناقلة صافر، الحديدة، اليمن، 1988, صورة بواسطة Piet Sinke, مرخصة تحت رخصة CC BY-NC-SA 2.0

النشرة البريدية للمركز اليمني للسياسات
تابعنا على شبكات التواصل الإجتماعي
×