تحطيم الصور النمطية

المرأة اليمنية العاملة مصدر إلهام

بالرغم من أن نسبة النساء الحاصلات على شهادات تعليم عال أعلى من الرجال في حسبما تشير البيانات (أكثر من 13٪ للنساء، 7.3٪ للرجال) تواجه النساء حواجز اجتماعيةً وثقافية وسياسية أمام طموحاتهن في الترقيّ المهني والاستقلال المالي. بينما لا تتجاوز نسبة النساء العاملات على أرض الواقع العشرة في المئة لكل من الفئات العمرية بحسب إحصاءات أجريت بين عامي 2013 و 2014.

لقد غيرت الحرب الظروف الإجتماعية والإقتصادية وفرضت واقعاً جديداً، وفتحت المجال أمام الكثير من النساء لاستغلال طاقاتهن ومهاراتهن والدخول في ميدان العمل.

كان دخول المرأة إلى القوى العاملة يتم غالباً من خلال الأعمال التقليدية ، مثل الخياطة، مع ذلك، فإن هناك أيضًا عدد من النساء اللواتي عملن في مجالات غير تقليدية. وفي حين أن العديد منهن واجهن الكثير من الضغوط من محيطهن الأقرب والمجتمع ككل، فإن هذه المقالة المصورة تسلط الضوء على بعض الرائدات اللاتي يمكن اعتبارهن مصدر إلهام للفتيات الصغيرات الأخريات من أجل أن يسعين وراء ما يردنه وليس ما يراه المجتمع مناسبًا لهن.

أنيسة

أول مهندسة صيانة هواتف وحواسيب في اليمن!

اقتحمت أنيسة السلامي مجال صيانة الأجهزة الإلكترونية وافتتحت مع بداية جائحة كورونا في أبريل عام 2020 محلها لصيانة الكمبيوتر، لتصبح أول مهندسة (امرأة) تدير محلاً تجارياً للصيانة بنفسها في اليمن.

استلهمت أنيسة شغفها في الصيانة من والدها، رحمه الله، الذي كان مهندسا وكان يحلم أن يرى أحد أولاده مثله.. على المستوى الشخصي، فإن لديها مخاوف من أخذ أجهزتها الإلكترونية لمحلات إصلاح الهواتف المحمولة بسبب التخوف من تسريب صورها أو أنها ستتعرض للابتزاز.. ومن هنا جاء دورها فارقاً في تقديم خدمة تحفظ "الخصوصية والأمان" للفتيات والنساء في مدينتها.

دخول هذا المجال لم يكن سهلاً في البدء على أنيسة، إذ إنه يعتبر حكراً على الرجال، ولا يوجد فيه تكافؤ في الفرص بين الجنسين حيث كانت أول تحدياتها تتمثل في إيجاد مهندس متخصص في صيانة الهواتف يقبل بتدريبها على أصول المهنة. وبعد أن عثرت على من يدربها، فرض عليها مبلغ كبير لقاء تدريبها يصل في اليوم الواحد إلى عشرة ألف ريال.

لم تكتف أنيسة بمدرب واحد، إذ أقدمت على التعلم من اليوتيوب. والتحقت بعدها بالمعهد التقني لدراسة البرمجة والحاسوب وبسبب قدراتها الاستثنائية حصلت على المرتبة الأولى.. وهناك بدأت مشوارها العملي وعملت بالمعهد بالمجان لمدة أربع سنوات حتى أثبتت جدارتها هناك.

يرى التجار أنيسة على أنها دخيلة في مجال يهيمن عليه الرجال، ويظهر ذلك في تعاملاتهم حتى إن الكثير منهم يبيعون لها قطع الغيار اللازمة لاستمرار عملها بسعر مضاعف عن السعر المعروف في السوق؛ وهو مثال على العنف الاقتصادي القائم على النوع الاجتماعي.

❞الصراحة مبدئيا الشغل حلو جدا، كنت في البداية متخوفة، مش عارفة كيف الناس بتنظر لي، بإيش من نظرة.. مش عارفة بيتقبلوا شغلي، ما بيتقبلوش..؟! في طبعا إيجابيات، في سلبيات.. بس الحمدلله الإيجابيات أقوى❝

مشروع محل أنيسة لا ينحصر فحسب في محلها التجاري، ويهدف أيضاً إلى تدريب الفتيات المهتمات في هذا المجال. حيث بلغ عدد الفتيات اللاتي تدربن على يدها 50 فتاة، إلا أن واحدةً فقط من بينهن، سمحت لها أسرتها بمزاولة المهنة.

بنجاح أنيسة في محلها، حققت استقلالها المادي وهي لا تزال تخطط وتطمح لتطوير وتوسيع نطاق عملها ليشمل عدة متاجر من أجل توظيف المزيد من المهندسات وتمكينهن إيماناً منها بقدرة المرأة على أداء هذا العمل وتقديم خدمات عالية الجودة للمجتمع.

سحر

 ضابطة أمن بجامعة تعز

يقع على عاتق سحر مسؤولية ثقيلة بينما تعمل في الحفاظ على أمن الفتيات في جامعة تعز، حيث يتطلب ذلك خروجها في دوريات حول الجامعة والتعامل بحزم مع الغرباء والتأكد المستمر من سلامة الجميع في الجامعة.

ظل الالتحاق بالقوى الأمنية حكراً على الرجال في شمال اليمن قبل الوحدة، مما ساهم في تشكيل تصور مجتمعي أوسع على أن النساء ليس بمقدورهن تولي مناصب أمنية. وعلى الرغم من هذه الأفكار الشائعة، فإن سحر ملتزمة بأداء وظيفتها على أكمل وجه للحفاظ على الأمن في الجامعة التي تعمل فيها.

تشعر النساء بالأمان عند التعاطي مع مسئول أمني من جنسهن. ولكن إذا كان هناك مسئول أمني من الرجال فإنهن يخشين أن يكون مصدر خطر إذا تعرض لهن جسدياً أو لفظياً.

سحر

مالكة مقهى في تعز

افتتحت سحر القدسي محل “بيرو كافيه“ وسط مدينة تعز جوار الغرفة التجارية عام 2020، وتديره بنفسها وهو واحد من المشاريع القليلة في مدينة تعز التي تعمل على كسر التصورات والتقاليد النمطية عن عمل المرأة.

تعمل سحر على إنشاء علاقة مميزة مع زبوناتها. وهي إلى جانب بيع القهوة المميزة لهن فإنها توفر مساحة هادئة وآمنة للفتيات والنساء للقاء وقضاء وقت ممتع.

تسعى سحر باستمرار لتقديم كل نكهات جديدة من القهوة والكيك، و تتوخى دائما مراعاة الذوق المحلي والجودة العالمية.

قد لا تشير الأرقام إلى أي تقدم ملحوظ في نسبة النساء المشاركات في ميدان العمل خارج المنزل. بل على العكس من ذلك، فالنسبة تراجعت من حوالي عشرين بالمئة عام 2005 إلى أقل من ثمانية بالمئة عام 2019.

ولكن الأرقام تحكي جانباً واحداً من القصة بينما يشُكل الواقع الجديد بجهود نساء أمثال سحر وسحر، وأنيسة .

×