الحلقة الأولى: معاني قوانين صغيرة

هذا البودكاست متوفر أيضاً في المنصات التالية:

المقدمة آزال:

 أهلا وسهلا فيكم في  بودكاست كاليدسكوب، مصدركم للاستلهام.

زي منظار الكاليدسكوب اللي نشوف من خلاله أشكال وأنماط مرئية متغيرة لا محدودة، في هذا البودكاست، بتسمعوا وجهات نظر وأفكار مختلفة، وبنستضيف أشخاص وخبراء من شتى المجالات اللي بيطرحوا مواضيع متنوعة عن مجموعة قضايا من زوايا جديدة لجميع مناحي الحياة، بهدف دمج الأفكار وإلهامنا بحلول مبتكرة.

لا تنسوا أنتو جزء من هذا الكاليدسكوب، ومشاركة أفكاركم مهمة بالنسبة لنا. تواصلوا معنا بعد كل حلقة على وسائل التواصل الاجتماعي أو على [email protected].

الاقتباس الأول:

بعد فترة وجيزة من اختتام الحوار الوطني اليمني أوائل عام 2014، ظهر في وسائل الإعلام إعلان عن وظيفة شاغرة: (مطلوب رجل أو امرأة لشغل منصب رئيس الجمهورية، ويشترط أن يكون المتقدم يمني الجنسية، ويجيد القراءة والكتابة، ويتمتع بحسن الخلق).

محمد الإرياني:

كانت هذه مقدمة قصة بعنوان “قوانين صغيرة” للكاتب وجدي الأهدل، واللي نشرت على موقع المركز اليمني للسياسات في بداية هذا العام.

انا محمد الإرياني واليوم بنتكلم معكم عن قصة صغيرة. مرحبًا بكم في الحلقة الأولى من سلسلة بودكاست كاليدسكوب.

تتناول القصة سباق افتراضي على كرسي الرئاسة اليمنية. في النهاية، فازت صغيرة بالسباق، وأنشأت قوانينها يمنًا جديدًا. للوهلة الأولى بتظهر القصة كحكاية خيالية مشوقة تأخذ القارئ في مغامرة مذهلة. لكن لما نتعمق أكثر فيها بنشوف أنها بتحمل معاني كثيرة.

أنا هنا اليوم مع شيماء بن عثمان، باحثة في المركز اليمني للسياسات، لمناقشة القصة. شيماء، أيش الأفكار اللي جات في بالش أول مره قريتي القصة؟

شيماء بن عثمان:

شكرا محمد، صراحةً القصة حركت خيالي وخلتني أفكر (ماذا لو؟) كثير تساؤلات تجي في البال لما الواحد يقرأ القصة، يعني مثلا كيف تمكنت صغيرة من حل مشاكل البلاد الكبيرة؟

محمد الإرياني:

صحيح شيماء، بس قبل كل ذا، من هي الرئيسة اليمنية (صغيرة)؟ ومتى تولت الحكم؟ وكيف أعادت الاعتبار لوظيفة كرسي الرئاسة؟

شيماء بن عثمان:

 بنتكلم عن كل ذا ونحاول أن نقدم الخلاصة التي اوصلها الكاتب القاص والروائي المعروف وجدي الأهدل من خلال هذا العمل. بس أولاً خليني أرحب بالكاتب والأديب ورئيس تحرير مجلة نادي القصة اليمني (إل مقه): زياد القحم.

زياد  القحم:

أهلا وسهلا وشكرا شيماء، في البداية خليني أقول أن الأدب في الأساس وتحديدا الكتابة السردية اللي تنتمي إليها القصة والرواية والمسرح هي وجدت لتخلق عوالم أخرى لتخلق حياة بديلة من خلال مقارنتها بالحياة أولاً بيوصل للمتلقي أو لمجموع المتلقيين والمتلقيات متعة, وثانيا بيوصل لهم احتمالات كيف يمكن للحياة أن تدور بشكل مختلف، وكيف يمكن أن يوجد حلول لمشاكل يعانون منها لكن لا يروها الا حينما يحاولون ان  يعايشوا حياة مختلفة بكل تفاصيلها .. وصغيرة.. هذه الشخصية اللي ابتكرها الكاتب الكبير وجدي الأهدل جاءت من أجل أن تقول الكثير وتعمل الكثير في زمن عجز الكثير فيه عن القول أو الفعل.

الاقتباس الثاني:

صغيرة كانت اسماً على مسمى: نحيلة العود وقصيرة القامة. ومع أول ضوء للصباح نقلتها طائرة مروحية إلى صنعاء، وأقسمتْ اليمين الدستورية، وصارت أول امرأة تتقلد منصب الرئاسة منذ قيام الجمهورية. وبعد مضي عام واحد، أصدرتْ (صغيرة) القوانين الثلاثة التي حفظها الشعب عن ظهر قلب

الأول: قانون التربية الثقافية.

الثاني: قانون قواعد السلوك الحسن.

الثالث: قانون المدن العشر المحرمة.

شيماء بن عثمان:

إذاً قصة قوانين صغيره للأستاذ وجدي الأهدل قدمت رؤية خاصة في مفهوم وظيفة رئاسة الجمهورية وتقييمها كوظيفة مثل أي وظيفة أخرى، يتم البحث عن شخصية مناسبة، ويتم العمل فيها لفترة معينة ثم تركها. يعني لما نجي نقارنها بالواقع فيه كثير رسائل تصل بس بشكل فني.

زياد القحم:

 فعلا يتميز هذا النوع من الكتابة بأنه ينكتب إصلا بلغة إيحائية يعني بتخلي المتلقي يفكر بكثير من الأشياء ويدفعه دائماً بأنه يعقد مقارنات، هذه المقارنات تؤدي الى زيادة وعيه بالحياة رغم أنه في الأخير يقرأ قصة يعني عمل فني ممتع.. مش رسالة توجيهية، ومع ذلك يتلقى رسائل كثيرة بشكل غير مباشر.

شيماء بن عثمان:

صحيح وكمان قدمت القصة رؤية أخرى عند المقطع اللي بيتكلم عن بحث البرلمان، من خلال البحث في الاشخاص اللي ما رشحوا أنفسهم.. يمكن لأن الشخص اللي ما رشح نفسه هو شخص أكثر إدراك لخطورة الوظيفة ومدرك Hصلا أنها وظيفة مش فرصة>  يعني نقدر نقول بحسب رؤية القصة: انه الشخص الذي يدرك خطورة الوظيفة هو أكثر شخص قادر على تحملها.

زياد القحم:

أيوة بالفعل وعشان القصة توصلنا الى كل هذه الأفكار هي خلقت عالم خاص أو خلينا نقول إانها بدأت بعالم يشبهنا كثير عالم عادي بداية القصة كانت أحداث نحنا نعرفها. لكنه تحول مع سير الأحداث إلى عالم مختلف بفعل هذه الآليات اللي بحثت برؤية مختلفة للاختيار والتكليف. واللي وصلت في الأخير إلى أنهم اختاروا صغيرة هذه الشخصية اللي قدرت تتجاوز كل الصعوبات في طريق البحث عن “الرئيسة النموذجية”، مر بالكثير من النماذج اللي كانت بعضها مناسبة لكن فيها جزيئات معينة بتخليها مش هي الأفضل.

شيماء بن عثمان:

أيوة فعلا ذكرتني مثل الشخصية الشبيهة بالمهاتما غاندي اللي حسب القصة ما قدرت تصمد في الرئاسة أكثر من 6 ساعات وبعدين شنقوه في ميدان التحرير.

زياد القحم:

ومثله العجوز السمراء أو حسب تعبير القصة العجوز السوداء اللي قتلت بالجنبية، وكأنه يشير بالجنبية إلى التقليدية الموجودة في المجتمع اليمني، كان يريد أن يوصل أنه هذي التقليدية كانت هي القاتل. قامت بقتل المرأة لأنها تنتمي إلى فئة المجتمع تعود على تهميشها.

شيماء بن عثمان:

يعني لحد ما نقدر نقول إن الوضع السياسي داخل القصة يشبه الوضع في الواقع لكن القصة قدرت إنها تقدم نموذج للحل بس بطريقة مختلفة.

زياد القحم:

بالطبع العمل المكتوب سردياً كالقصص، كلما كانت لها عالمها، كلما تمكنت من أن تقدم لي عالم، كلما كانت أنجح. فهذه طبيعة العمل الفني اللي بيحمل رسالة. ولو تكلمنا عن إشكالية الفن و الرسالة فبالفعل هناك أعمال فنية ممتعة وكتابات سردية جميلة ، لكنها ما صنعت الرسالة وهناك أعمال بتحمل رسالة مهمة لكن يكون على حساب العمل الفني. أما في قصة قوانين صغيرة فهي اخلصت لفكرة الفنية داخل العمل وجودة النص إلى أبعد حد،  ومع ذلك جاءت الرسالة بكل سلاسة ووضوح.

شيماء بن عثمان:

 أتفق معاك، يعني مثلا واحدة من الرسائل إللي لفتت انتباهي هو كيف تعاطت القصة كمان بشكل جميل مع فكرة احتياج أبناء البلد إلى خبير أجنبي حتى هذا الخبير بيكتب حاجة مستحيلة الفهم مش بس أنها صعبة الفهم، يعني حسب التعبير الدارج: (يكتب كلام فاضي) لكن الناس رحبوا فيه يمكن بسبب عقدة الخبير الأجنبي،  أو هي رغبة الناس بأن يتعاملوا مع أشياء مش مفهومة.

زياد القحم:

 هذا جزء من فنية القصة نفسها، القصة قدمت في الأخير حالة، الحالة هذي إن الناس رحبوا بكلام الخبير الأجنبي، لكن هل لأن عندهم عقدة الخبير. ولا هل هم راغبين فعلا بأن يتعاملوا مع أشياء غير مفهومة القصة خلتها غامضة إلى حد ما، من أجل أن تدين الاحتمالين في وقت واحد.

الاقتباس الثالث:

تزوجت (صغيرة) من بائع متجول، ظل يعمل في هذه المهنة حتى صدور قوانين العمل الجديدة، فافتتح محلاً لبيع الأدوات المنزلية، وأنجبت له بنتاً واحدة، أسمتها (أمل).

في عام 2053 توفيت (صغيرة) بنوبة قلبية، وخرج الشعب اليمني بكامله لتشييع جنازتها، وبكت الملايين وهي تودعها في رحلتها الأخيرة. ولعل أبلغ كلمة رثاء قيلت بحقها، جاءت على لسان رئيس الجمهورية الذي خلفها في المنصب: “رحلتْ وقد أصحبتْ صورتها معلقة في كل بيت، واسمها منقوشاً في كل قلب، لقد ذهبت صغيرة بعد أن صنعتْ منا بشراً كباراً”.

شيماء بن عثمان:

 طيب لو فكرنا في الرحلة الصعبة اللي خاضتها الدفعة الأخيرة من المرشحين للرئاسة، أ/ زياد كيف تقيم مرورهم بهذه الأحداث المرعبة؟ .

زياد القحم:

الفكرة تشبه فكرة الانتخاب، أي انتخاب حتى دلالة كلمة انتخاب هي اختيار هي تصفية اختيار عدد صغير أو عدد فردي من ضمن مجاميع من ضمن أعداد كبيرة. القصة قدمت الانتخاب من خلال هذه الأحداث المرعبة الكبيرة التي كان يتناقص فيها أعداد المرشحين، قدمت الرحلة بشكل فانتازي أحداث غرائبية تناقص فيها المرشحون حتى وصلت في الاخير صغيرة وقدمت تجربتها في حكم البلاد.

شيماء بن عثمان:

 بصراحة القصة تخلي الواحد يطمح ويتخيل هل ممكن نشهد انتخاب في الواقع مثل اللي صار في قصة قوانين صغيرة؟ (منافسة واختيار مرشحين). شكراً شكراً أ/ زياد، استمتعت كثير بالنقاش معاك، وأنا مع رأي إنها قصة لازم على كل شخص في البلاد يقرأها، مش بس المهتمين بالأدب وفن القصة، لكن كل شخص يحمل الهم العام، لأنها تحاكي الواقع وتخلينا نتخيل مستقبل أفضل.

زياد القحم:

بالتأكيد أتفق معك، وخليني أقول اأنه بالذات الكتاب الشباب كتاب القصة الكتاب والكاتبات هناك مشكلة في انهم مش لاقين النموذج المهم الي يستلهموا منه طريقتهم بالكتابة، في أنهم يقدموا عمل فني ممتاز في نفس الوقت يوصلوا رسائل. هذه القصة درس مهم لكل الشباب والشابات في كيفية الكتابة.

محمد الإرياني:

شكرا لشيماء وضيفنا العزيز زياد؛ في الحقيقة القصة مليانة بالمعاني والإشارات العميقة اللي بتحمل رسائل ودروس لكل الأجيال ، وأنا متأكد أن القصة لازالت تحمل الكثير والكثير. وزيادة في توضيح هذه الإشارات لنا ؛ ندعوكم مستمعينا لزيارة موقعنا وقراءة القصة. وقولوا لنا أيش هي المعاني التي بتكتشفوها؟ شاركوها معانا على وسائل التواصل الاجتماعي ولا تنسوا تتابعونا في الحلقة القادمة!

Share on Facebook
Share on Twitter
Share on LinkedIn
النشرة البريدية للمركز اليمني للسياسات
تابعنا على شبكات التواصل الإجتماعي
×