لقد اصطدم النهج التقليدي لعملية السلام في اليمن – حيث تلتقي الجماعات المسلحة خلف أبواب مغلقة لصياغة وقف لإطلاق النار أو اتفاق سياسي – بطريق مسدود. على مدى سنوات حتى الآن، سلط العديد من المحللين الضوء على العيوب الأساسية في إطار السلام، بما في ذلك نهج الطرفين الذي عفا عليه الزمن بين الحكومة اليمنية والحوثيين1. وقد أشار مارتن غريفيث في خطابه الأخير كمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى اليمن، إلى هذا الغياب لمحادثات السلام الشامل باعتباره المصدر الرئيسي لإحباطه في السنوات الأخيرة.2
حاليًا، تعكف الأمم المتحدة مرة أخرى على تصميم صيغة لوقف إطلاق نار على مستوى البلاد بين الحكومة اليمنية والحوثيين. ولكن مع تعيين هانز غروندنبرغ مبعوثًا جديدًا للأمم المتحدة إلى اليمن، هناك أمل في أن تغير المنظمة الأممية نهج الوساطة الخاص بها وتوسع عملية السلام لتشمل جهات فاعلة أخرى حاسمة. تمثل هذه اللحظة الحالية فرصة مهمة للمرأة والمجتمع المدني لتقديم وجهات نظرهما وخبرتهما في الصراع إلى طاولة المفاوضات.
إن الإنجازات الجماعية والتجارب المكثفة للنساء اليمنيات كصانعات وبانيات للسلام تؤهلهن ليكنّ في صدارة جميع المسارات التي ستشكل مستقبل اليمن. لقد عملت هؤلاء النساء بلا كلل لتوفير السلام والاستقرار لمجتمعاتهن. فبالإضافة إلى تسهيل تبادل الأسرى وفتح الممرات الإنسانية، يواصلن التوسط في عمليات وقف إطلاق النار المحلية وتقديم الخدمات الحيوية للسكان المحليين. ومع ذلك، فإن المساهمات الجوهرية للنساء اليمنيات في تحقيق السلام على الأرض لم تمنحهن بعد مقعدًا على طاولة المفاوضات الرسمية. عوضاً عن ذلك، اقتصرت مشاركتهن في عملية السلام الرسمية على المشاورات غير الرسمية للمسار الثاني، والتي يشار إليها غالبًا على أنها منتديات للتمثيل الرمزي3. علاوة على ذلك، تجد النساء ومنظمات المجتمع المدني العاملة على مستوى القاعدة الشعبية (المسار الثالث) صعوبة في التواصل مع الجهات الفاعلة في المسار الثاني والمسار الأول لعملية السلام. وهذا يعني أن الإطار الحالي لعملية السلام فشل في دمج احتياجات ووجهات نظر جمهور واسع من اليمنيين الذين يعدون مفتاحًا لإقامة سلام أكثر رواجًا محليًا واستدامة.4
حاليًا، يبحث مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن مسارات جديدة للجهات الفاعلة في المجتمع المدني للمشاركة بشكل أكبر في الاستعدادات لآلية وقف إطلاق النار، والتي تشمل وقفًا مؤقتًا للأعمال العدائية مصحوبًا بتدابير الإغاثة الإنسانية. في إطار هذه العملية، أجرى المركز اليمني للسياسات في يونيو 2021 مشاورات مع 22 ناشطًا وناشطة ومنظمات مجتمع مدني تديرها نساء وتعمل على المستوى الشعبي في عدن وحضرموت ومأرب وصنعاء وتعز، وكذلك ناشطتان في الشتات. حددت هذه المشاورات التحديات والفرص لمشاركة النساء على المستوى الشعبي في مفاوضات وقف إطلاق النار على مختلف المستويات. لضمان شمولية هذه العمليات، يُظهر هذا البحث أن التحالفات والشراكات المطورة بين مؤسسات الدولة المحلية والجماعات النسائية (العاملة على مستويات مختلفة) مطلوبة. يمكن أن يؤدي ربط المسارات المختلفة إلى زيادة مشاركة النساء ومجموعات المجتمع المدني في عملية السلام – بما في ذلك مفاوضات وقف إطلاق النار – مما يتيح لهن الفرصة لإحداث دور أكثر تأثيرًا في عملية تنفيذ وقف إطلاق النار.
تمثل مفاوضات وقف إطلاق النار فرصة جيدة للأمم المتحدة للوفاء بوعودها لضمان عملية سلام أكثر شمولاً5. يكشف البحث أن إجراء مشاورات مع النساء المحليات ومجموعات المجتمع المدني أمر بالغ الأهمية لفهم الخيارات المختلفة لمشاركتهن – طالما أن هذه المشاركات ذات مغزى وليست مجرد شكليات. حذر المشاركون في البحث من التسرع في هذه المشاورات وعملية مفاوضات وقف إطلاق النار بأكملها لتجنب خلق وقف هش لإطلاق النار من شأنه أن يفشل في مواجهة أضعف التحديات. في الوقت نفسه، أكدوا أنه يجب على مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى (أي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأعضاء مجلس الأمن) ممارسة الضغط على الأطراف اليمنية المتحاربة لفتح مفاوضات وقف إطلاق النار أمام النساء وجماعات المجتمع المدني. على الأقل، يجب أن يضمن مكتب المبعوث الخاص للأمين العام أن النساء ومجموعات المجتمع المدني على اطلاعٍ وافٍ بعملية وقف إطلاق النار وأن مدخلاتهم يمكن توجيهها إلى مفاوضات واتفاق وقف إطلاق النار.
المشاركة من خلال التحالفات والشراكات الأفقية
تواجه المجموعات النسائية في اليمن نفس المشاكل الأساسية التي تعيق المجتمع المدني بشكل عام عن لعب دور أكثر تأثيراً في عملية السلام وهو عدم القدرة على بناء التحالفات والشبكات واستدامتها. يمكن أن يساعد تنسيق العمل والعمل داخل التحالفات وعبرها المجموعات النسائية على تطوير أجندة مشتركة لوقف إطلاق النار المستجيب للنوع الاجتماعي، وتحسين نفوذ المساومة للمجموعات النسائية كوحدة واحدة، وإنشاء نقاط دخول جديدة إلى عملية وقف إطلاق النار من خلال تحالفات متنوعة. سيتطلب التغلب على التحديات التي تواجه هذه المقاربة من النساء ومجموعات المجتمع المدني الترفع عن التنافس على تمويل المانحين والعمل على تجاوز الانقسامات الاجتماعية والسياسية. يمكن للمانحين الدوليين والمنظمات الدولية غير الحكومية دعم إنشاء هذه الشبكات من خلال تمويل عادل وطويل الأجل، فضلاً عن توفير التدريب على كيفية إنشاء هذه الشبكات وإدارتها.
يُعد بناء الجسور بين المجموعات النسائية الشعبية وبناة السلام في المسار الثاني خطوة أولى جيدة نحو مشاركة أكثر تمثيلاً في عملية السلام. يمكن للشبكات النسائية في المسار الثاني، ولا سيما التوافق6 النسوي اليمني وشبكة التضامن النسوي7، سد الفجوة بين النساء على مستوى القاعدة الشعبية (المسار الثالث) والأطراف المتصارعة على طاولة المفاوضات (المسار الأول). يمكنهم القيام بذلك من خلال إجراء مشاورات منتظمة ومستمرة مع المجموعات النسائية العاملة على أرض الواقع لضمان أن تكون توصياتهم على دراية بأولويات واحتياجات القاعدة الشعبية الأكبر. في الوقت نفسه، يمكن أن تساعد هذه المشاورات الفاعلات على مستوى القاعدة الشعبية على فهم القضايا التي تتم مناقشتها على المستويات العليا لعملية السلام بشكل أفضل، وتمكينهن من إعادة ضبط وتطوير أنشطة التعبئة وفقًا لذلك، وكذلك نشر المعلومات حول عملية السلام للجمهور على نطاق أوسع.
ومع ذلك، على الرغم من الحاجة الجلية، تظهر النتائج التي توصلنا إليها أنه لا توجد حاليًا آليات اتصال واضحة بين المسارات المختلفة. تتمثل إحدى المشكلات التي تم تحديدها في البحث في أن الوصول إلى الجهات الفاعلة في المسار الثاني والمسار الأول يتوقف على اتساع نطاق الشبكات الشخصية للفاعلين. في الواقع، أكدت إحدى المسؤولات التنفيذيات في إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية على “العلاقات الشخصية” باعتبارها العامل الوحيد الأكثر تأثيرًا في تحديد من يمكنه تمثيل قضايا المرأة في المؤتمرات الوطنية أو الدولية. وأشارت بشكل مفصل إلى أنه بينما تقوم النساء العاملات على مستوى القاعدة الشعبية بعمل رائع على الأرض، فإن إنجازاتهن تمر دون أن يلاحظها أحد بسبب افتقارهن إلى الصلات – كما هو الحال في كثير من الأحيان مع غالبية صانعات السلام المحليات.
كما عززت آليات اختيار ممثلات للمشاركة في عملية المسار الثاني هذا الشعور بالإقصاء بين المجتمعات النسائية الشعبية. إذ وصفت عملية الاختيار بأنها تفتقر إلى المصداقية وتعتمد على الترشيح دون معايير اختيار شفافة8. تلاحظ إحدى المشاركات في البحث، وهي باحثة تعيش في الخارج، أن النساء في المسار الثاني غالبًا ما ينتمين إلى خلفيات متشابهة ويشتركن في ميزات متشابهة: فهن حاصلات على تعليم جيد، ويعشن في الخارج، ويتحدثن اللغة الإنجليزية، وهن ميسورات الحال اقتصاديًا. ومن ثم، فإنهن يملن إلى تبني وجهات نظر تبدو “منفصلة عن الواقع والاحتياجات الفعلية للمرأة العاملة على الأرض”. هذا الإحساس منتشر على نطاق واسع بين النساء من المجتمع المحلي، اللواتي يشعرن أن قضاياهن واحتياجاتهن لا يتم تمثيلها بإخلاص على المستويات العليا لعملية السلام9.
يظهر البحث أن التغلب على هذا الانفصام سيتطلب مبادرة الشبكات النسائية في المسار الثاني، وديناميكية المجموعات النسائية على مستوى القاعدة الشعبية، ومعايير أكثر صرامة للمسار الثاني من المانحين. تضع بعض النساء اللواتي تمت مقابلتهن مسؤولية إنشاء قنوات الاتصال هذه على عاتق شبكات النساء في المسار الثاني. لا تتحمل شبكات هؤلاء النساء فقط مسؤولية أخلاقية لتمثيل الأصوات الشعبية للجهات الفاعلة في المسار الأول، ولكن لديهن أيضًا المزيد من الموارد، والتي من شأنها أن تسمح لهن بالتخطيط والوصول إلى النساء العاملات على الأرض. واقترحت هؤلاء النساء اللواتي تمت مقابلتهن أيضًا إنشاء آليات للمساءلة لضمان ألا تقتصر هذه المشاورات على قلة مختارة، وأن الوجوه الجديدة من خلفيات متنوعة تتم دعوتها بانتظام للمشاركة في هذه المناقشات. في غضون ذلك، شددت إحدى المبحوثات على أن النساء العاملات على مستوى القاعدة الشعبية لا ينبغي عليهن انتظار الدعوة من الخارج فحسب؛ عوضاً عن ذلك، ينبغي بناء التحالفات بين المجموعات النسائية الشعبية باستخدام الموارد والمعرفة المتاحة كلما أمكن ذلك. وأشارت إلى رابطة أمهات المختطفين باعتبارها مثالًا ناجحًا للتحالف الذي بدأ صغيرًا ومحليًا ولكنه اكتسب قوة جذب في النهاية بسبب التأثير الكبير الذي تمكنّ من خلقه.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تمثيل النساء من بناة السلام في المسار الثاني محدود للغاية بالفعل10. تتم دعوة عدد قليل من النساء للمشاركة في مشاورات المسار الثاني، وعندما يحصل ذلك، يتم تجاهل توصياتهن ومدخلاتهن إلى حد كبير من قبل الوسيط والجهات الفاعلة في المسار الأول. وبالتالي، فإن إقامة روابط وتحالفات مع المجموعات النسائية على مستوى القاعدة لن يساعد فقط في إثبات محتوى مدخلاتهم، بل سيعزز أيضًا نفوذهم التفاوضي للوصول إلى مفاوضات رسمية، بمساعدة دعم المجموعات الشعبية.
التأثير على وقف إطلاق النار في المفاوضات رفيعة المستوى
كما تدعو المجموعات النسائية إلى مشاركتها المباشرة على طاولة المفاوضات الرسمية على مستوى المسار الأول. وفقًا لهذه المجموعات، فإن أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو تسوية سياسية تستبعد المدخلات الحاسمة من النساء ومجموعات المجتمع المدني ستعطي حتماً الأولوية لمصالح الأطراف المتحاربة على احتياجات ورغبات الشعب اليمني. أوضحت المشاركات في البحث أن مسؤولية ضمان المشاركة المباشرة للمرأة على مستوى المسار الأول تقع على عاتق مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن، الذين بمقدورهم تقديم الدعم من خلال إصدار قرار جديد يفرض المشاركة الرسمية للمرأة في عملية السلام وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1325، مؤكدات أنه في غياب ضغوط دولية قوية، ستستمر الأطراف اليمنية في مقاومة مشاركة المرأة في عملية السلام، لأنها تتعارض مع مصلحتهم في الاستفادة من الحرب المستمرة.
كان أحد الاقتراحات المحددة التي تم تسليط الضوء عليها من قبل العديد من المشاركات في هذا البحث هو إشراك ما لا يقل عن 30 في المائة من النساء في جميع عمليات السلام، بما في ذلك مفاوضات وقف إطلاق النار وجميع اللجان المنبثقة عن المفاوضات. وفي حين شددت بعض المستجيبات على أن هذه الكوتا يجب أن تكون مخصصة فقط للنساء المستقلات اللواتي يحرمن من فرص المشاركة السياسية، دعت أخريات إلى إدراج النساء الحزبيات، إما ضمن هذه الكوتا أو بشكل منفصل من خلال المقاعد المخصصة لأحزابهن السياسية.
ولتبديد المخاوف بشأن مشاركة النساء الحزبيات في مفاوضات السلام، لفتت إحدى قيادات المنظمات النسائية – التي هي نفسها حزبية – الانتباه إلى التأثير المدمر للحرب على جميع النساء على قدم المساواة. وزعمت أن الوضع الأمني والإنساني المزري في مدينتها تعز دفع النساء الحزبيات إلى وضع احتياجات مجتمعاتهن فوق مصالح أحزابهن السياسية. من خلال القيام بذلك، تمكنّ من التعاون وإقامة علاقات مع النساء متجاوزة الانقسام السياسي. واختتمت حديثها بالتأكيد على أن “ما يهم هو حضور المرأة الهادف في دوائر صنع القرار سواء كانت مستقلة أو حزبية”.
مشاركة المرأة في العمليات المحلية لوقف إطلاق النار والجهات الفاعلة المحلية
وعلى نفس القدر من أهمية مشاركة المرأة في مفاوضات وقف إطلاق النار، يقع إدراجها في لجان وقف إطلاق النار المحلية المختلفة. فالمسودة الحالية لاتفاق الإعلان المشترك التي اقترحها مكتب المبعوث الخاص للأمين العام تنص على إنشاء العديد من لجان وقف إطلاق النار، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر لجنة الاستجابة لكوفيد-9، ولجنة الرواتب ولجنة قوات الأمن المحلية ولجنة التنسيق العسكرية11. أبدت المشاركات في البحث اهتمامًا قويًا بالانضمام إلى هذه اللجان المحلية والمساهمة فيها، لكنهن لم يكنّ على دراية بأي آليات يمكن أن تضمن مشاركتهن. لا تتضمن مسودة الإعلان المشترك في شكلها الحالي أية أحكام بشأن دور المرأة والمجتمع المدني في هذه اللجان؛ بل إنها تحيل مشاركتهن إلى مراحل لاحقة من عملية السلام. ومع ذلك، كان مكتب المبعوث يسعى بنشاط للحصول على المشورة بشأن كيفية إشراك هذه الجهات الفاعلة في آلية وقف إطلاق النار المحلية.12
يحدد هذا البحث طريقتين على الأقل يمكن للمجموعات النسائية أن تضمن من خلالها وصولها إلى لجان وقف إطلاق النار المحلية. الأول هو من خلال تسهيل مكتب المبعوث الأممي المباشر لمشاركتهن، والذي يستلزم إقامة روابط عمودية بين المجموعات النسائية والجهات الأمنية على المستويين المحلي والوطني، بناءً على معايير اختيار واضحة وشفافة. تعتبر هذه المقاربة أكثر عوناً للمجموعات النسائية التي تفتقر إلى هذه الروابط، مثل المنظمات الصغيرة أو المجموعات النسائية الموجودة في المناطق النائية. ومع ذلك، فإن أحد الجوانب السلبية لهذه المقاربة هو أنها تخاطر بتسييس عمل هذه المجموعات النسائية من خلال ربطها بالأمم المتحدة. أعربت رئيسة منظمة نسائية غير ربحية عن قلقها من أن اتباع مثل هذه المقاربة من شأنه أن ينبه سلطات الأمر الواقع لعمل هؤلاء النساء، حتى لو كان عملهن غير سياسي بطبيعته، فإن هذه المقاربة قد تزيد من خطر تعرضهن للأذى ومراقبتهن عن كثب من قبل الجماعات المسلحة، لا سيما في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
الطريقة الثانية، والمقاربة الفضلى، تتطلب استخدام قنوات اتصال الجماعات النسائية مع السلطات المحلية والجهات الأمنية للتفاوض على تواجدهن في لجان وقف إطلاق النار المحلية. ومن الأمور المركزية في هذا النهج الوصول إلى اللجان الأمنية على مستوى المحافظات والمجهزة لتلعب دورًا أساسيًا في آلية وقف إطلاق النار. تُظهر الأبحاث السابقة التي أجراها المركز اليمني للسياسات أن هذه اللجان الأمنية لديها آلية استشارية متكاملة، والتي يمكن استخدامها لإشراك النساء والجهات الفاعلة في المجتمع المدني في عملها13. على وجه التحديد يمكن إشراك النساء كخبيرات أو مستشارات في اللجان الفنية والفرعية التي تم إنشاؤها لمعالجة قضايا أمنية معينة. حتى لو لم يتم إشراك النساء بشكل هادف في هذه اللجان في الماضي – لا سيما بالنظر إلى المواقف الرافضة لقوات الأمن تجاه قضايا أمن المرأة – فإن إدراجها في المستقبل يظل احتمالًا قابلاً للتطبيق يستحق الدراسة.
المنظمات النسائية القاعدية متصلة محليًا، لكنها بحاجة إلى الدعم
أفادت غالبية المبحوثات أن عملهن تطلب منهن بالفعل إنشاء قنوات اتصال مع السلطات المحلية والجهات الأمنية، بما في ذلك ضباط الشرطة وأعضاء اللجان الأمنية. وأشرن إلى أن معرفتهن وخبراتهن المتخصصة في قضايا المرأة – والأمن البشري بشكل عام – سمحت لهن بتقديم الاستشارات والتدريب للموظفين في المؤسسات الأمنية وحتى التعاون معهم في مشاريع مشتركة، مثل تجديد سجون النساء وتوفير تدريب على حقوق الإنسان للفاعلين في مجال الأمن.
على الرغم من أن هذه الصلات يمكن أن تكون بمثابة نقاط دخول للجان وقف إطلاق النار المحلية، إلا أنها في حد ذاتها لا تضمن الإشراك. بدلاً من ذلك، يجب على المجموعات النسائية أن تدافع بنشاط عن مشاركتها من خلال إظهار القيمة التي تضيفها إلى هذه اللجان. في الواقع، كشفت دراسة استقصائية وطنية أجراها المركز اليمني لقياس الرأي العام في عام 2019 أن ثلث السكان يشككون في مشاركة المجموعات النسائية في الأعمال المتعلقة بالأمن14. لكي تتمكن النساء من الوصول، ستحتاج المجموعات النسائية على مستوى القاعدة الشعبية إلى اكتساب المعرفة بمختلف القضايا الأمنية التي تديرها كل لجنة وآليات عملها. يمكن أن تساعدهم هذه المعلومات في وضع خطة لمساهمتهم في معالجة هذه القضايا بناءً على مواردهم وقدراتهم. يمكن الوصول إلى هذا النوع من المعلومات من خلال شبكاتهم مع الجهات الفاعلة في المسار الثاني أو من خلال المشاورات ثنائية الاتجاه مع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.
تشير نتائج البحث إلى أن الاعتبارات السياسية يمكن أن تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في تحديد عضوية لجان وقف إطلاق النار. وهذا يعني أن التوترات بين الجهات الأمنية ومجموعات المجتمع المدني يمكن أن تبطل مسوغ قدرات هذه الأخيرة للمساهمة بشكل إيجابي في عمل هذه اللجان. هذا الاعتبار وثيق الصلة بشكل خاص بالمجموعات النسائية العاملة في قضايا حقوق الإنسان والمساءلة، كما أوضحت بعض المستجيبات في هذا البحث. ومع ذلك، يمكن تخفيف هذا التحدي جزئيًا عن طريق التفاوض مع الجهات الأمنية والسلطات المحلية تحت مظلة تحالفات وتحالفات واسعة من المجتمع المدني تخفي هوية أعضاء التحالف الفرديين. يمكن للمجموعات النسائية أيضًا عقد تحالفات مع قادة المجتمع التقليديين، مثل شيوخ القبائل والوجاهات الاجتماعية، لزيادة الدعم المجتمعي إلى أقصى حد لمسألة إشراكهم.
تمكين النساء اليمنيات صانعات وبانيات السلام
إن الحجج التي تبرر استبعاد المرأة من عمليات السلام بما في ذلك مفاوضات وقف إطلاق النار على أساس الافتقار الملحوظ للقدرات هي حجج واهية15. فعلى العكس من ذلك، فإن إنجازات المرأة اليمنية وتجاربها المكثفة كصانعة سلام تؤهلها لتكون في صدارة المفاوضات. يتعين على المانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية الدولية، وبخاصة أولئك الذين يعملون على أجندة المرأة والسلام والأمن، تنسيق وتوجيه دعمهم إلى هذه المجموعات النسائية الشعبية. ونظرًا لأن عمل -هذه المجموعات- يتم تمويله ذاتيًا في الغالب، فإن المنح ذات المتطلبات الأقل إلزامية والأطر الزمنية الأطول، وبوجود عدد أقل من العقبات البيروقراطية، يمكن أن تخلق فرص تمويل عادلة يمكن الوصول إليها للمنظمات الصغيرة وغير الرسمية، إذ يمكن أن تسمح مناهج التمويل المرنة للمنظمات الشعبية بالاستجابة للمشاكل الجديدة والعاجلة مع المشاريع المطلعة على احتياجات المجتمعات وأولوياتها. علاوة على ذلك، فإن تزويد المنظمات الشعبية بالأدوات اللازمة والتدريب على الدعوة، وبناء هياكل الشبكات، وتعزيز التطوير التنظيمي سيقطع شوطًا طويلاً نحو تمكين المرأة اليمنية وإعادة بناء هياكل المجتمع المدني في اليمن.
تُظهر صانعات السلام في اليمن قوة نموذجية بينما يعملن على إحلال السلام والاستقرار في مجتمعاتهن. لقد قمن ببناء الصمود من خلال الاعتماد في الغالب على استراتيجيات المساعدة الذاتية وشبكات العلاقات الشخصية والعائلية والمجتمعية. ومع ذلك، فحتى هياكل الصمود المحلية لها حدودها. من المرجح أن يؤدي إطالة أمد الحرب وانتشار الجماعات المسلحة غير الخاضعة للمساءلة إلى مزيد من الاختبار لهذه الحدود، مما يستلزم مساعدة خارجية. إن الجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الدولية والبعثات الدبلوماسية، في وضع يخولها لتقديم هذه المساعدة في كل من تدابير الحماية والجهود الوقائية التي تهدف إلى تقليل مجموعة متنوعة من المخاطر المختلفة التي تواجهها النساء صانعات السلام. يمكن أن يتجلى هذا الدعم في عدة أشكال، بما في ذلك بيانات التضامن العامة، والمشاركة في الحوارات الدبلوماسية مع السلطات والجهات الفاعلة ذات الصلة، وتوفير التمويل اللازم للاستجابة السريعة للتهديدات الخطيرة. إن ضمان مساءلة الجهات المسلحة أمر مهم بنفس القدر. ومع ذلك، يجب أن تكون الحماية مصحوبة بالتمكين، والذي يمكن تحقيقه من خلال الدفع باتجاه تمثيل أكبر للمرأة في جميع دوائر صنع القرار، من طاولة مفاوضات السلام إلى هياكل الحكم.
نبذة عن الكاتبة: أصبحت هديل الموفق عضوة في المركز اليمني للسياسات كزميلة باحثة في عام 2020. في العام 2015، انضمت إلى منظمة مواطنة كباحثة في انتهاكات حقوق الإنسان، وقامت بتوثيق حالات الضحايا المدنيين والجنود الأطفال والقتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي والقيود على الحريات الصحفية. حصلت هديل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة ستانفورد (2020). تود الكاتبة أن تشكر الدكتورة ثانيا بفافيندورف ومارتا كولبورن لمراجعتهما المفيدة والدؤوبة لنسخة سابقة من هذه المقالة.
المعهد الألماني للعلاقات الخارجية
مرايكا ترانسفيلد
محررو النسخة: جاتيندر بادا، غابرييل ستو
فاطمة صالح (العربية)
محمد حمود
- بيتر سالزبوري “المقاربة الدولية لحرب اليمن: حان وقت التغيير؟” المركز اليمني للسياسات. 23 أكتوبر 2020. متاح على: https://www.yemenpolicy.org/the-international-approach-to-the-yemen-war-time-for-a-change/ انظر أيضًا: السلام الشامل. “من الحرب الدائمة إلى بناء السلام الدائم في اليمن.” متاح على: https://www.inclusivepeace.org/from-perpetual-war-to-perpetual-peacebuilding-in-yemen/
- تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة S / PV.8797. “الوضع في الشرق الأوسط”. 15 حزيران (يونيو) 2021. الأمم المتحدة. متاح على: https://www.securitycouncilreport.org/atf/cf/٪7B65BFCF9B-6D27-4E9C-8CD3-CF6E4FF96FF9٪7D/S_PV.8797.pdf
- جوك بورينجا. “وضع الاستراتيجيات فيما وراء أجندة المرأة والسلام والأمن (WPS) في اليمن: أهمية اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”. مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية. 23 أغسطس 2021. متاح على:https://sanaacenter.org/publications/main-publications/14915
- أورايلي، ماري، اندريا أوه، سويليباهين وثانيا بافنهولز “إعادة تخيل صناعة السلام: أدوار النساء في عملية السلام.” المعهد الدولي للسلام. 2015 متاح على: : https://cve-kenya.org/media/library/Reilly_et_al_2015_Reimagining_Peacemaking_Womens_Roles_in_Peace_Processes.pdf
- ملاحظات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن في اجتماع الاحتفال بالذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 وجدول أعمال المرأة والسلام والأمن”. مكتب المبعوث الخاص للأمين العام لليمن. 29 أكتوبر 2020. متاح على: https://reliefweb.int/report/yemen/remarks-un-special-envoy-yemen-meeting-commemorating-20th-anniversary-un-security
- “المرأة والسلام والأمن”. مكتب المبعوث الخاص للأمين العام لليمن. متاح على : https://osesgy.unmissions.org/women-peace-and-security
- شبكة التضامن النسوي. متاح على : https://www.womensolidaritynetwork.org/contact
- مجموعة الأزمات الدولية. “قضية صنع سلام أكثر شمولاً – وأكثر فاعلية – في اليمن.” 18 مارس 2021. متاح على : https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/yemen/221-case-more-inclusive-and-more-effective-peacemaking-yemen
- جهاد جار الله. ” قراءة نقدية في الخطاب النسوي اليمني”. مجلة المدنية. ديسمبر 26، 2020 متاح على: https://almadaniyamag.com/ar/2020/12/26/yemeni-feminist-discourse/
- أمة العليم السوسوة. “في يوم المرأة العالمي، ساعدوا في رفع أصوات النساء اليمنيات”. واشنطن بوست. 08 مارس 2019. متاح على: https://www.washingtonpost.com/gdpr-consent/?next_url=https://www.washingtonpost.com/opinions/2019/03/08/international-womens-day-help-lift-voices-yemeni-women
- تحليل مسودة الإعلان المشترك لإنهاء الحرب في اليمن ، على النحو الذي اقترحه مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن.” مبادرة مسار السلام. 10 يوليو 2020. متاح على: https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/publicate/contentupload/jDeYYHv1589935/pti-comparison-of-ceasefire-proposals-english.pdf?utm_source=Publicate&utm_medium=URL&utm_content=pti-comparison-of-ceasefire-proposals-english&utm_campaign=Joint+Declaration
- مجموعة الأزمات الدولية. “قضية صنع سلام أكثر شمولاً – وأكثر فاعلية – في اليمن.” 18 مارس 2021. متاح على : https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/yemen/221-case-more-inclusive-and-more-effective-peacemaking-yemen
- مرايكا ترانسفيلد وآخرون. “الحوكمة الأمنية المحلية في اليمن في أوقات الحرب: حالات الحديدة وتعز وعدن.” المركز اليمني للسياسات. 14 أبريل 2021. متاح على:https://www.yemenpolicy.org/wp-content/uploads/2021/04/YPC-CARPO-Local-Security-Governance-in-Yemen-in-Times-of-War-final.pdf
- المركز اليمني لقياس الرأي العام. “النتائج الرئيسية لمسح عام 2019: تصورات الجمهور اليمني حول ظروف المعيشة والقضايا المتعلقة بالأمن”. أغسطس 2019. متاح على : https://www.yemenpolling.org/Projects-en/ICSP_Survey_2019_Preliminary_findings_26_01_2020.pdf.
- هديل الموفق. “دور المجتمع المدني اليمني في تشكيل إصلاح قطاع الأمن”. المركز اليمني للسياسات. فبراير 2021. متاح في :https://www.yemenpolicy.org/the-role-of-yemeni-civil-society-in-shaping-security/